الثاني: أن السفه، والرق، والفلس، وكذا المرض- على أحد القولين في الإقرار للوارث- موانع أيضًا، وقد بين الشيخ حكمها، لكن قد يقال في الجواب: إن المتصف بمانع مما ذكرناه غير الإكراه من إقراره ما يصح، ومنه ما لا يصح، كما سيأتي، وللاجتهاد فيه مجال، فهو مما يغمض الكلام فيه، [فلذلك احتاج إلى بيان حكمه، وإقرار المكره باطل مطلقًا، مدرك ببداهة العقول]، فلذلك أغفله.
تنبيه: كلام الشيخ يفهم أن البالغ السفيه إذا لم يتصل به حجر وال: أنه يجوز إقراره، وهو ما صرح به الماوردي، وقال: إنه لا فرق في قبول إقراره بين المال والبدن جميعًا، وأنه في الإقرار كالرشيد، وهذا ما حكيناه في باب الحجر وجهًا عن رواية الشيخ أبي علي وغيره عن بعض الأصحاب في صحة تصرفات المهمل.
فإن قلت: هو الذي يقتضيه كلام القاضي أبي الطيب وابن الصباغ، وغيرها- أيضًا- حيث قالوا: لا فرق بين أن يكون المقر عدلًا أو فاسقًا، إذا لم يكن محجورًا عليه حتى قال أبو الطيب: إنه لا خلاف فيه.
قلت: يجوز أن يحمل كلامهم على من طرأ عليه الفسق، ولم يتصل به حجر، فإنه لا خلاف عندهم في عدم الحجر بنفسه كما تقدم.
قال: ومن حجر [عليه]، لصغر أو جنون، لا يصح إقراره، للخبر المشهور، وبه استدل أبو الطيب على عدم صحة إقرار النائم- أيضًا- لأن رفع القلم يقتضي ألا يكون لكلامهم حكم.
وفي ((تعليق)) القاضي الحسين وغيره: أنه يصح إقرار الصبي المميز بالتدبير والوصية، إذا قلنا بصحتهما منها، ولم يورد المحاملي في الباب غيره.
وقضية ذلك: أن يطرد في إقراره بالإسلام إذا صححناه منه- أيضًا- وهو مقتضى ما ذكروه من القاعدة- أيضًا-[في] أن من قدر على إنشاء شيء، قدر على الإقرار به، ومن لا فلا، وقد ذكرنا ما لعله يستثنى من ذلك في كتاب النكاح.
قال ابن يونس: واعلم أنه قد استثنى مع ذلك أيضًا ما إذا أقر بالبلوغ بالاحتلام