في مدة الإمكان، فإنه يقبل إقراره من غير يمين، وهذا أخذه- واله أعلم- من قوله في ((الوسيط)): أما الصبا والجنون فيقتضيان حجرًا مطلقًا عن سائر الأقارير.
نعم: لو أقر الصبي بالتدبير والوصية قبل، إن جعلناه من أهلهما، ولو قال: بالاحتلام صدق، فإنه يفهم أن الأمرين مستدركان مما ذكرناه، ولولا ما في ((الوجيز)) لأمكن أن يجعل قوله: ((ولو قال بلغت بالاحتلام)) كلامًا مستأنفًا، لا مستدركًا، لكنه في ((الوجيز)) لم يستدرك بـ ((نعم)) إلا قبول قوله في البلوغ، وقد استدرك ((الرافعي)) عليه ذلك، فقال: المفهوم من الإقرار الإخبار عن ثبوت حق عليه للغير، ونفس البلوغ ليس كذلك، ولهذا يطالب مدعى البلوغ بالبينة، والمقر لا [يكلف بالبينة]، ولا اليمين.
نعم من قال: أنا بالغ، فقد اعترف بثبوت الحقوق المنوطة بالبلوغ، فهو من هذا الوجه يكون متضمنًا الإقرار، لا أن نفسه إقرار، وبتقدير كونه إقرارًا فليس ذلك بإقرار صبي، لأنه إذا قال: أنا بالغ، يحكم ببلوغه سابقًا على قوله، فلا يكون إقراره إقرار صبي حتى يحتاج إلى الاستدراك.
قال: فإن أقر، ثم ادعى أنه غير بالغ- أي: في محل الإمكان- فالقول قوله، لأن الأصل عدم البلوغ.
قال: من غير يمين، لأن حلفه يثبت صباه، وإذا ثبت كونه صبيًا، لم يصح يمينه، فكان في تحليفه إبطال تحليفه، فلم يحلف.
قال: وعلى المدعي البينة- أي: إذا أراد إثبات ذلك- لأنه ادعى ما يمكن إقامة البينة عليه، والأصل عدمه، فكان عليه إقامة البينة، كما لو ادعى عليه مالًا.
وتشهد البينة- كما قال أبو الطيب- باستكمال خمسة عشر سنة، أو بمشاهدة الإنزال، أو على إقراره بالبلوغ.
قلت: أو على الإنبات، إن جعلناه بلوغًا في حقه.
نعم: لو ادعى أنه استعجل ذلك بالمعالجة، فقد قال ابن الصباغ وغيره في باب النكول ورد اليمين: إن من سبي من أولاد الكفار، وكان قد أنبت، فادعى أنه تداوى لذلك، وأنه غير بالغ- فالقول قوله معي يمينه.