للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي في ((الفتاوى)): إنه أحد قولي الشافعي، ويشبه أن يكون هنا كذلك، ويكون تحليفه لوجود ما دل على بلوغه.

وقد حكى القاضي في ((الفتاوى)) فيما إذا ادعى مالًا من جهة صبي، فقال المدعى عليه: من يدعي من جهته بالغ، فقال القيم: احلف أنك لا تعلم أنه صغير، فلم يحلف- أن الولي لا يحلف، وهل يحلف الصبي، فيقول: والله إني صغير؟ فيه وجهان، بناء على القولين في الأسير.

ولو انتهى من أنكر كونه بالغًا بعد إقراره إلى حالة يتحقق بلوغه فيها، ورام خصمه تحليفه على أنه كان حين الإقرار صبيًا، فهل له ذلك؟ الذي يظهر إلحاقه بمن ادعى البلوغ بالاحتلام، فإنه لا يحلف على المشهور وإن كان في خصومة كما تقدم في باب الحجر.

وإذا انتهى إلى حالة يتحقق بلوغه فيها لا يحلف أيضًا: إنه كان بالغًا حينئذ على الظاهر، كما قاله الإمام، لأنا إذا حكمنا بموجب قوله فقد أنهينا الخصومة، فلا نعود إلى التحليف، وبهذا التعليل يحصل لك الفرق بين هذا وبين ما إذا حضر شخص الصف ثم ادعى وقت القسمة: أنه كان بالغًا وقت الحضور، وأنه يستحق السهم، فإنه يحلف ويستحق السهم، كما قاله ابن الصباغ وغيره في باب النكول ورد اليمين.

فإن قلت: قد حكى ابن الصباغ في كتاب الإقرار: أنه إذا أقر صبي بالبلوغ في سن يحتمله، فالقول قوله من غير يمين، لأنه لا يتعلق بذلك حق على غيره.

وإن باع فادعى المشتري أنه صغير، وأن البيع فاسد، فينبغي ألا يحلف، لأن المدعي مقر بأن اليمين لا تستحق عليه لصغره.

[و] إن ادعى ذلك [بعد بلوغه: أنه كان في حال البيع صغيرًا، حلف، وهذا ينبغي أن يجيء مثله هنا، بخلاف ما ذكرت.

قلت: هذا محمول على ما لم يكن قد ادعى ذلك] في حالة الشك في بلوغه، فأني أسلم مثله هنا، لفقد العلة التي أشار إليها الإمام، وقد صرح الإمام بذلك في مسالة الإقرار، وحكى في كتاب اللعان شيئًا يمس بما نحن فيه، فلنذكره، وهو أن من ادعى أنه صبي، وقبل قوله، لو عاد وادعى أنه بالغ، وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>