ولأنه لو كان فرضه العين، لما صحت صلاة الصف الطويل؛ لأن فيهم من يخرج عن العين لو مد خيط مستقيم من عين الكعبة إليه، وهذا ظاهر ما نقله المزني؛ ولأجله قال بعضهم: إنه الجديد، واختاره في "المرشد".
وقال الشيخ أبو حامد وأتباعه:[إنه] لا يعرف للشافعي، وإنما [هو] مذهب للمزني وجهة القبلة لمن هو بمصر ما بين المشرق والمغرب، فإذا جعل المصلي المشرق على يساره والمغرب على يمينه كان مستقبلاً جهتها.
وقد أجاب القائلون بالأول عن الخبر بما قاله [ابن الصلاح]: أنه قيل: إنه موقوف على عمر.
قال: وهو المشهور، والصف الطويل إنما صحت صلاتهم عند البعد عن الكعبة؛ لأن مع البعد يتسع الصف المحاذي؛ فنه لو اشتعلت نار على رأس جبل، ووقف جماعة يهم كثرة على بعد منها؛ فإن كلا منهم يرى النار في محاذاته، ولو مد من موضعه خيطاً إليها تهيأ.
وهذا الجواب كلام الإمام يأباه، فإنه قال: لو وقف صف في آخر المسجد بحيث لو قاربوا الكعبة يخرج بعضهم عن السمت، صحت صلاة جميعهم، بخلاف ما لو كانوا بالقرب من الكعبة؛ فإنه لا تصح صلاة من خرج عن سمتها.
قال: مع أنا نعلم بالقطع أن حقيقة المحاذاة لا تختلف بالقرب والبعد: فتعين أن يكون المتبع في ذلك وفي نظائره حكم الإطلاق والتسمية لا حقيقة المسامتة، فمن يطلق عليه اسم الاستقبال عند البعد تصح صلاته، وإن كان لو قرب يخرج عن السمت.
قال: وعلى ذلك بنى الشافعي تفصيل القول في الصلاة على ظهر الكعبة، فقال: إن لم يكن على طرف السطح شيء شاخص من بناء الكعبة- لا تصح صلاته؛ فإن من علا شيئاً لا يسمى مستقبلاً، [ولو وقف على أبي قبيس، فالقبلة مستقلة]