وقال بعضهم: إنما صحت صلاة الصف الطويل؛ لأنه لم يتعين الخارج منه عن السمت. وإلى هذا يميل كلام ابن الصباغ؛ لأنه قال بعد حكاية صحة صلاة الصف الطويل: وهذا لعمري يكون مع [تقوس الصف، فأما مع] الاستواء فلا يمكن المحاذاة، وإنما طريقه الظن، فإذا لم يتعين المخطئ؛ فلا يجب على واحد القضاء.
قلت: وقول ابن الصباغ "وهذا لعمري يكون مع تقوس الصف" مؤذن بأن محل الكلام إذا كان بمكة، وألا فلا معنى للتقوس.
وقوله:"إن مأخذ الصحة عند الاستواء الظن"، فيه نظر؛ لأنه يلزم منه ألا تصح صلاة من في [آخر] الصف إذا كان بينه وبين إمامه أكثر من قدر عرض الكعبة؛ لأنه دائر بني أن يكون هو خارجاً عن الكعبة أو إمامه، وأياً ما كان فلا تصح القدوة، ولم يمنع من ذلك أحد، وحينئذ فلا مأخذ إلا ما قاله الأولون والإمام.
واعلم أن قول الشيخ:"في أحد القولين" يعود إلى ما ذكرناه من أول الفصل إلى قوله: "بالظن"، فكأنه قال: الفرض [في القبلة] في أحد القولين إصابة العين، فمن قرب منها، لزمه ذلك بيقين، ومن بعد عنها، لزمه ذلك بالظن؛ ولذلك [عبر عنه] العجلي بأن الواجب على ظاهر المذهب إصابة العين على حسب الوسع.