وطرده في العامي إذا اختلف الفقهاء في واقعة له، يجب عليه أن يأخذ بقول الأفقه، وقد حكاه أبو الطيب عن ابن سريج.
والذي حكاه في "المهذب" والبندنيجي والأكثرون: الثاني، وعليه يدل قول الشيخ:"قلد بصيراً يعرف".
ولو كانا عنده في العلم سواء، قال في "الحاوي": فهو كالبصير إذا تساوت عنده جهات، فيكون على وجهين:
أحدهما: يكون متخيراً في الأخذ بقول من شاء منهما.
[والثاني: يأخذ بقولهما] ويصلي إلى جهة [كل] واحد منهما.
وقال القاضي الحسين: إنه يصلي إلى أي الجهتين شاء، ويعيد.
وقد اقتضى كلام الشيخ أمرين:
أحدهما: أنه لا فرق في البصير الذي لا يعرف الدلائل بين أن يكون قادراً على تعلمها والوقت واسع لذلك وللاجتهاد، أو غير قادر؛ إما لكونه لا يتأتى منه تعلم ذلك، أو لكونه يتهيأ منه لكنه لم يجد من يعلمه.
ولا شك في أنه كالأعمى من كل وجه إذا لم يقدر على التعلم، أما إذا قدر على التعلم والوقت واسع له للاجتهاد، فالذي قاله [القاضي] أبو الطيب: أنه يجب عليه أن يتعلم، ويجتهد لنفسه، فإن قلد غيره وصلى، كان كمن قدر على تعلم الفاتحة [في الوقت، وصلى بالبدل، وسيأتي حكمه، وهذا من القاضي يدل على وجوب تعلم دلائل القبلة على كل احد، كما يجب عليه تعلم الفاتحة].
وقد حكى المراوزة في وجوب تعلم دلائل القبلة وجهين:
أحدهما: أن ذلك فرض عين، وقال في "التهذيب": إنه الأصح.
والثاني: أنه فرض كفاية.
قال القاضي الحسين: وهما مستنبطان من نصين ذكرناهما في أن من هو من أهل الاجتهاد هل يقلد غيره ند ضيق الوقت، ولا يقضي أو لا؟ فإن قلنا بالأول، [فهو فرض كفاية، وألا] فهو فرض [عين].