للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجتاهما في المصحف (١).

قال القرطبي (٢): «والصحيح أن التسمية لم تكتب لأن جبريل - عليه السلام - لم ينزل بها في هذه السورة، قاله القشيري».

قلت: وما ذكره القرطبي عن القشيري، هو الذي تطمئن إليه النفس، بل يجب الجزم به، وهو أن جبريل لم ينزل بالبسملة مع هذه السورة، ولو نزلت مع هذه السورة لحفظت مع ما حفظ، ونقلت إلينا، تحقيقًا لوعد الله - تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} (٣) ولما لم تنقل، علمنا يقينا، لا يخالجه شك، أنها لم تنزل مع هذه السورة، لأن الله تكفل بحفظ القرآن، وقد وصل إلينا بحمد الله كاملا محفوظًا بحفظ الله، وهذا الذي يجب أن يعتقده كل مسلم.

أما ما روي عن ابن عباس عن عثمان - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبين لهم في شأن البسملة مع سورة براءة شيئًا، وكانت قصتها تشبه قصة الأنفال، فقرنوا بينهما، ولم يكتبوا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} - فالحديث في هذا ضعيف - كما تقدم بيان ذلك.

أما القول بأن الصحابة اختلفوا، هل الأنفال وبراءة سورة واحدة، أو سورتان ... الخ فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - إنما أشكل


(١) انظر «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج ٢: ٤٧٢، «مشكل الآثار» ٢: ١٥٥، «أحكام القرآن» لابن العربي ٢: ٨٩١ - ٨٩٢، «زاد المسير» ١: ٣٨٩، «الجامع لأحكام القرآن» ٨: ٦١ - ٦٣، «البرهان» للزركشي ١: ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٢) في «تفسيره» ٨: ٦٣.
(٣) سورة الحجر، الآية: ٩.

<<  <   >  >>