منهم قد يصل إلى مقام يسقط عنه التعبد والتكليف. ويفسرون اليقين في قوله تعالى:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ} بأنه وصول المرء إلى أعلى المقامات، وهو سقوط التكليف، وكونه لا يسأل عما يفعل.
قال ابن القيم (١).-رحمه الله-» فلا ينفعك العبد من العبودية ما دام في دار التكليف، بل عليه في البرزخ عبودية أخرى لمَّا يسأله الملكان:"من كان يعبد؟ وما يقوله في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويلتمسان من الجواب". وعليه عبودية أخرى يوم القيامة يوم يدعو الله الخلق كلهم إلى السجود، فيسجد المؤمنون، ويبقى الكفار والمنافقون، لا يستطيعون السجود فإذا دخلوا دار الثواب والعقاب أنقطع التكليف هناك، وصارت عبودية أهل الثواب تسبيحًا مقرونًا بأنفسهم، لا يجدون له تعبًا ولا نصبًا. ومن زعم أنه يصل إلى مقام يسقط عنه فيه التعبد فهو زنديق كافر بالله وبرسوله، وإنما وصل إلى مقام الكفر بالله، والانسلاخ من دينه، بل وكلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم والواجب عليه منها أكبر وأكبر من الواجب على من دونه، ولهذا كان الواجب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل على جميع الرسل أعظم من الواجب على أممهم, والواجب على أولي العزم أعظم من الواجب على من دونهم، والواجب على أولى العلم أعظم من الواجب على من دونهم، وكل أحد بحسب مرتبته».
٣٠ - حاجة جميع الخلق إلى عون الله -تعالى- وإمداده وافتقار