للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر رحمه الله (١) اختلاف الناس في حكمة العبادة وفائدتها وأنهم في ذلك أربعة أصناف أيضا الصنف الأول نفاه الحكم والتعليل الذين يردون الأمر إلى محض المشيئة وصرف الإدارة، والصنف الثاني القدرية النفاة الذين يثبتون نوعًا من الحكمة والتعليل لكنه لا يقوم بالرب ولا يرجع إليه بل يرجع إلى مجرد مصلحة المخلوق ومنفعته فعندهم أن العبادات شرعت أثمانًا لما يناله العبد من الثواب العظيم كأجرة الأجير. والصنف الثالث زعموا أن حكمة العبادة ومصلحتها رياضة النفوس من الصوفية والفلاسفة، والصنف الرابع الطائفة الإبراهيمية المحمدية العارفون بالله وحكمته في أمره وشرعه وخلقه وأهل البصائر في عبادته ومراده بها.

٢٨ - وجوب إخلاص العبادة لله تعالى بجميع أنواعها اعتقاداً وقولًا وعملًا، والبراءة من الشرك ووسائله، ومن الحول والقوة - لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ففي تقديم المفعول في الموضعين وفى تكراره، مع: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ما يؤكد تخصيصه جل وعلا بالعبادة والاستعانة والدعوة إلى عبادة الله، وتخصيصه بجميع أنواع العبادة من الاستعانة وغيرها. وهى أساس دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم. قال نوح عليه السلام: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ ... إِلَهٍ غَيْرُهُ} (٢) وكذلك قال هود (٣)


(١) انظر «المصدر السابق» ١: ١١٥ - ١٢٢
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٥٩، وسورة المؤمنون، الآية: ٢٣
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٦٥، وسورة هود، الآية: ٥٠

<<  <   >  >>