راجحة، ومن دونهم يترك المباحات مشتغلاَ عنها بالعبادات، وهؤلاء يأتونها طاعات وقربات، ولأهل هاتين المرتبتين درجات لا يحصيها إلا الله.
كما ذكر أبن القيم - رحمه الله (١) -أن لأهل مقام (إياك نعبد) وهم أهل هذه العبودية الخاصة - في أفضل العبادة وأنفعها طرقا أربعة، فهم في ذلك أربعة أصناف: عندهم أنفع العبادات وأفضلها أعظمها مشقة على النفوس، قالوا: والأجر على قدر المشقة.
والصنف الثاني قالوا: أفضل العبادات التجرد والزهد في الدنيا، وعدم الاكتراث بكل ما هو منها.
والصنف الثالث: رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها ما فيه نفع متعد كخدمة الفقراء والاشتغال بمصالح الناس.
والصنف الرابع: قالوا أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته، فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض كما في حالة الأمن والأفضل في وقت حضور الضيف القيام بحقه والاشتغال به عن الورد المستحب والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك.