بعد النظر في أدلة كل فريق من أصحاب الأقوال الثلاثة، وبعد النظر في الاعتراضات الواردة على تلك الأدلة، وفي إجابات كل فريق على ما ورد على أدلتهم من اعتراضات يظهر جليا أن أصحاب القول الثالث القائلين بعدم القراءة خلف الإمام مطلقًا، لا في السرية، ولا في الجهرية لم يسلم لهم دليل واحد كما رأيت، لا من أدلة الكتاب ولا من السنة، ولا من الأثر.
قال اللكنوي وهو من محققي الأحناف في كتابه «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام»(١): «الذي يظهر بالنظر الدقيق، ويقبله أصحاب التحقيق هو أن الأحاديث التي استدل بها أصحابنا ليس فيها حديث يدل على النهي عن قراءة الفاتحة خلف الإمام، فيدفع ذلك بالجميع، أو الترجيح، أو التساقط، أو النسخ، بل هي متنوعة إلى أنواع ثلاثة:-
فمنها ما يدل على وجوب الإنصات عند القراءة كالحديث الأول - يعني حديث أبي موسى وأبي هريرة: «وإذا قرأ فأنصتوا» - قال: وهو وإن كان ظاهر لفظه وعمومه يدل على الإنصات مطلقا لكن النظر الدقيق يحكم بأنه يمنع من القراءة مع قراءة الإمام في الجهرية بحيث يخل بالاستماع والتدبر، ولا يدل على وجوبه في الجهر أثناء السكتات ولا على وجوبه في السر، وكذا الآية القرآنية، يعني: {وَإِذَا