للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا لما صنف الدارقطني في ذلك مصنفًا قيل له: هل في ذلك شيء صحيح؟ فقال: أما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا، وأما عن الصحابة فمنه صحيح، ومنه ضعيف. ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بها دائمًا، لكان الصحابة ينقلون ذلك، ولكان الخلفاء يعلمون ذلك، ولما كان الناس يحتاجون أن يسألوا أنس بن مالك، بعد انقضاء عصر الخلفاء، ولما كان الخلفاء الراشدون، ثم خلفاء بني أمية، وبني العباس كلهم متفقين على ترك الجهر، ولما كان أهل المدينة- وهم أعلم أهل المدائن بسنته- ينكرون قراءتها بالكلية سرًا وجهرًا.

وقال- أيضًا (١) -: «فمن المعلوم أن الجهر بها مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فلو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بها كالجهر بسائر الفاتحة، لم يكن في العادة، ولا في الشرع ترك نقل ذلك، بل لو انفرد بنقل مثل هذا الواحد والاثنان لقطع بكذبهما، إذ التواطؤ فيما تمنع العادة والشرع كتمانه كالتواطؤ على الكذب فيه».

القول الثالث:

التخيير بين الجهر والإسرار، وهذا القول يروى عن الحكم بن عتيبة، وإسحاق بن راهويه (٢)، وابن أبي ليلى (٣)، وهو اختيار ابن حزم (٤).


(١) في «مجموع الفتاوى» ٢٢: ٤١٥، وانظر: ٤٠٨، ٤١٧ - ٤٢٠.
(٢) انظر «القطع الائتناف» ١: ١٠٦.
(٣) انظر «أحكام القرآن» للجصاص ١: ١٥، «الاستذكار» ١: ١٥٤.
(٤) انظر «المحلى» ١: ٢٥١، «مجموع الفتاوى» ٢٢: ٤٣٦.

<<  <   >  >>