للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأحوال، ونعتمد عليك في جلب المنافع ودفع المضار، مع تمام الثقة بك يا ربنا في تحصيل ذلك (١)، ونعلن لك عجزنا وضعفنا وبراءتنا من حولنا وقوتنا وحول كل مخلوق وقوته، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولهذا شرع للمسلم أن يقول عند قول المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (٢)

وفي الدعاء في الحديث: «اللهم لا تكلني إلى نفسي ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين» (٣).

قال ابن القيم (٤) - رحمه الله -: «فإن قلت فما معنى التوكل والاستعانة؟ قلت: هو حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله، والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع، وأنه ما شاء كان، وإن لم يشأ الناس، وما لم يشأ لم يكن، وإن شاءه الناس فيوجب له هذا اعتمادًا عليه، وتفويضًا إليه، وطمأنينة به، وثقة به، ويقينًا بكفايته لما توكل عليه فيه، وأنه ملئ به، ولا يكون إلا بمشيئته شاءه الناس أم أبوه، فتشبه حالته حالة الطفل مع أبويه، فيما ينوبه من رغبة ورهبة هما مليان بهما، فانظر في تجرد قلبه عن الالتفات إلى غير أبويه، وحبسه همه على إنزال ما ينوبه بهما فهذه حال المتوكل، ومن كان هكذا مع الله فالله كافيه ولا بد.


(١) انظر: «مدارج السالكين»: ١: ١٠٠، «تيسير الكريم الرحمن»: ١: ١.
(٢) أخرجه البخاري في الأذان من حديث معاوية الحديث ٦١٣، ومسلم في الصلاة من حديث عمر بن الخطاب الحديث ٣٨٥.
(٣) أخرجه من حديث أبي بكرة أحمد: ٥: ٤٢. وليس فيه «ولا إلى من خلقك»
(٤) في «مدارج السالكين» ١: ١٠٦ - ١٠٧.

<<  <   >  >>