للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة} (١) أي إذا أردتم مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٢).

قال القرطبي (٣): «فأوقع الماضي، مكان المستقبل، كقول الشاعر:

إني لأتيكم لذكر الذي مضى ... من الود واستئناف ما كان في غد (٤)

أي ما يكون في غد.

وعلى هذا المعنى دلت السنة، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه» (٥).

وهذا القول هو الصحيح.

قال الجصاص (٦): «وقول من قال: إن الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة شاذ، وإنما الاستعاذة قبل القراءة، لنفي وساوس الشيطان عند القراءة، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى


(١) سوره المجادلة، الآية: (١٢).
(٢) انظر «أحكام القرآن» للجصاص.
(٣) في «تفسيره» ٨٦:١.
(٤) البيت للطرماح - انظر «ذيل ديوانه» ص (٥٧٢).
(٥) سبق تخريجه في الكلام على صيغ الاستعاذة في المبحث الأول، من هذا الفصل.
(٦) في «أحكام القرآن» (٣): (١٩١).

<<  <   >  >>