للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك صلاة الاستسقاء: لم يرد ذكر التكرار، وهي دعاء مخصوص، عقب أو قبل صلاة مخصوصة، ومع ذلك أجاز جماهير أهل العلم تكرارها (١).

كما يستأنس لتكرارها، بتكرار صلاة الكسوف والخسوف حتى ينجلي الشمس أو القمر، فهي - أي صلاة الكسوف أو الخسوف - صلاة ذات سبب وحاجة وفيها دعاء، فشابهت صلاتي الاستخارة والاستسقاء.

فعن المغيرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما، فادعوا الله تعالى، وصلوا حتى ينكشف)) رواه البخاري (٩٩٦) ومسلم (٩١٥).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((حتى ينكشف)) فيه دليل واضح على مشروعية تكرار الصلاة حتى يتم الكشف.

واعتراض المانعين - على تكرار الاستخارة - بأنها صلاة ودعاء مخصوص، فالجواب عنه أن: صلاة الاستسقاء كذلك، وما كان جوابهم عن تكرارها، فهو جوابنا عن تكرار صلاة الاستخارة.

ومهما قيل فيها فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصًا أو غير مخصوص.

نعم لو كانت صلاة الاستخارة، مجرد ذات سبب، لقلنا بمنع التكرار، وأما أن تكون صلاة حاجة، فهي أقرب للدعاء منه إلى غيره، لذلك نرجح قول من قال بالتكرار والله أعلم.

فممن ذهب إلى جواز تكرار الاستخارة، بل استحبابها الحافظ العراقي، ومال إلى ذلك الشوكاني في النيل فقال:

((قد يستدل للتكرار بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ((إذا دعا دعا ثلاثًا))، الحديث الصحيح، وهذا وإن كان المراد به تكرار الدعاء في الوقت الواحد، فالدعاء الذي تسن الصلاة له تكرر الصلاة له كالاستسقاء)).

وممن يفتي بذلك - من المعاصرين - شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز، وكذلك شيخنا المحدث الألباني، غير أنه قيد التكرار بقيد: (من لم تطمئن


(١) انظر الموسوعة الفقهية (٣/ ٣٠٦) والمغني مع الشرح (٢/ ٢٩٥) والمجموع (٥/ ٨٨).

<<  <   >  >>