بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)).
فما عليك - يا عبد الله - إلا أن تُفرح الله بتوبتك، وتسعد نفسك بإنابتها إلى ربها، والمثول بين يدي بارئها.
واعلم - يا عبدالله - أن الله عز وجل يقبل التوبة النصوح من عبده، ولو نقض توبة بعد توبة .. وكرر ذنبًا بعد ذنب، فالسعيد من أسعد نفسه بالتوبة التي لا ذنب بعدها، والشقي من يأس من رحمة ربه، فتمادى في ذنبه، واستمر في غيه.
{إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}[يوسف ٨٧].
ولو لم يكن للتائبين إلا غفران الذنوب، لكفى به نعمة عظيمة، ومنة كريمة، من رحمن رحيم، كيف وقد وعد الله عز وجل زيادة على العفو والغفران، تبديل السيئات حسنات، ورفع التائبين درجات؟
{يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورًا رحيمًا}[الفرقان: ٧٠].
[شروط التوبة]
لله الحمد الذي فتح باب توبته على مصراعيه.
لا يرد تائبًا، ولا يصد مستغفرًا.
لم يجعل عليه حاجبًا، يمنع من يشاء، ويقبل من يشاء، بل يتقبلها بنفسه.
{وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .. }[الشورى ٢٥].