للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((عجبت للمؤمن، إن الله تعالى لم يقض له قضاءً إلا كان خيرًا له)) (١).] [*]

قال ابن الجوزي: ((فإذا جاء إبليس فقال: كم تدعوه ولا ترى إجابة؟ فقل: أنا أتعبد بالدعاء، وأنا موقن أن الجواب حاصل، غير أنه ربما كان تأخيره لبعض المصالح علي مناسب، ولو لم يحصل حصل التعبد والذل)) (٢) الذي هو أعظم منفعة، من تحقيق الغرض الدنيوي.

وليس هناك من محظور، إذا ما شعر العبد أن دعاءه لا يستجاب، وأن أعماله لا توفق، أن يراجع أعماله، ويحاسب نفسه، ويستقيم في دينه، ويكثر من طاعة ربه، بل هذا هو الخليق بالمؤمن، والجدير به، فقد يكون هناك موانع لاستجابة الدعاء، يفعلها العبد من غير علم أو قصد، كأن يكون غافلاً عن ربه، ضعيف اليقين به، أو يكون في طعامه حرام، وفي دخله شبهة، أو لظلم يفعله، أو لذنب يرتكبه، فليراجع العبد نفسه، وليتفقد أحواله، فإن في ذلك خيرًا عظيمًا، لنفسه وعاقبته، فإن المعاصي سد في بلوغ الأرب، والغفلة حجاب أمام استجابة الدعاء والطلب.

قال ابن الجوزي ((فإذا تبت ودعوت ولم تر للإجابة أثراً فتفقد أمرك، فربما كانت التوبة ما صحت، فصححها ثم ادع ولا تمل من الدعاء، فربما كانت المصلحة في تأخير الإجابة، وربما لم تكن المصلحة في الإجابة، فأنت تثاب وتجاب إلى منافعك، ومن منافعك أن لا تعطى ما طلبت بل تعوض غيره)) (٣).

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)). (٤)

هل يستشير المستخير أحدًا .. ومتى؟

وما فائدة الاستشارة مع الاستخارة؟

نعم يستشير المستخير من علم منهم صلاحًا، وسدادًا في الرأي ونصحًا، وسواء كانت الاستشارة قبل الاستخارة، أم بعدها، فلا فرق، وقديمًا قيل: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار. فالاستخارة لله، والاستشارة للعباد.

والاستخارة عمل إيماني، والاستشارة عمل سببي، ولا تعارض بينهما،


(١) رواه أحمد ٤/ ٣٣٢ ومسلم (٢٩٩٩) وقد مضى.
(٢) صيد الخاطر ٢٩٥.
(٣) صيد الخاطر ٢٩٥.
(٤) رواه مسلم (٢٧٣٥).
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من زيادات النسخة الإلكترونية، وليس في المطبوع

<<  <   >  >>