للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تماماً كالتوكل على الله عز وجل بالقلب، ومباشرة الأسباب بالجوارح، التي خلقها الله عز وجل للوصول إلى الغايات، وهذا هو المشروع في دين الإسلام، أما ترك الأسباب، فهو التواكل الذي يأباه الإسلام، وأما الاعتماد عليها دون الله عز وجل، فهو المسمى بشرك بالأسباب.

قال تعالى: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} [آل عمران: ١٥٩].

فجمع الله تعالى - في آية واحدة - بين اتخاذ الأسباب، وهي المشورة، ووجوب التوكل على الله تعالى، الذي هو عمل إيماني، وصفة كمال من صفات المؤمنين.

وهذا من فضل الله علينا، في عظمة هذا الإسلام، أن جمع بين الإيمان والعمل، ووازن بين الروح والمادة.

وفي الحديث المشهور: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دابته أيعقلها ويتوكل؟ أو يطْلقها ويتوكل؟

فكان هذا الجواب الكامل، والكلم الجامع، والبيان الرائع: ((اعقلها وتوكل)) (١).

وكان من سيرته - صلى الله عليه وسلم - مشاورة أصحابه، بل ونسائه أحيانًا، فشاورهم في أحد، وشاورهم في الخندق، وشاورهم في أسارى بدر، وفي كثير من الأمور.

وأثر عن سلفنا الصالح قولهم للعاطلين عن العمل:

((إن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة)).

والناس في الاستشارة:


(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٧) وابن حبان (٧٣١) وغيره وجوّد العراقي إسناده في تخريج الإحياء.

<<  <   >  >>