للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الثلاث التي يجب على المسلم المنيب اجتنابها:

فهي: التفكير بالذنب.

وارتياد مكان المعصية.

وصحبة قرناء السوء، وأصدقاء الشر.

فالتفكير في الذنب ولو مجرد التفكير فيه، يهون الذنب، ويمهد الإثم.

وهو باب واسع من أبواب الشيطان، إذ يعمد المسلم إلى التفكير في الذنب، معتقدًا أن لا إثم عليه، لأنه لم يتحدث ولم يفعل. غير أن الاسترسال في التصور، والاستمرار في التفكير، يجعل الذنب سهلاً، والمعصية مألوفة.

أما ارتياد مكان المعصية، فكم كان منزلقًا لها، وفخًا لصاحبها.

وكم من امرئ ارتاد ساحة المعصية، وهو عازم على أن لا يأتيها، فاستُدرج من حيث لا يشعر، فسقط في هواها، وتلطخ بفسادها، فأنى له أن ينجو إلا بحبل من الله، ثم انقطاع عن هذه البيئة الفاسدة.

قال عليه الصلاة والسلام:

((كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)). (١)

فدل هذا الحديث أن الاقتراب من المكان يسهل دخوله، فمن اقترب من أماكن الخير سهل عليه دخولها، ومن اقترب من أماكن الشر سهل عليه ولوجها ..

قال - صلى الله عليه وسلم - ((تحولوا عن المكان الذي أصابكم فيه الغفلة)) (٢)

وأما صحبة قرناء السوء:

فهي مفتاح الشر، ومغلاق الخير، وما رأيت أفسد لدين الرجل، ولا أسرع في الرذيلة من صاحب السوء، يستدرجك في المعصية استدراجًا، ويجرك إليها جرًا عجيبًا .. فهو يسهل لك طرقها .. ويمهد لك سُبلها، حتى إذا ما سقطت في مهاويها، ودعك تتخبط في ظلامها .. وتتيه في عجاجها، وقد أنشبت فيك أظفارها .. وعشعش في قلبك حبها، فلا تفارقك إلا


(١) رواه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩) عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
(٢) رواه أبو داود (٤٣٦) والبيهقي (٢٩٩٦) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>