فمما دار بيني وبينه من كؤوس المخاطبة، وجال من جياد القول في مضمار المكاتبة، وأنا مسجون بالروم، وليس لي غير القضاء والقدر سجان، في ديار ترى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان، قولي ملغزا في حبات الأحقاق، الملتفة تحت أغصان المعاطف على كثب الأرداف:
أيا رَوْضاً له ظِلُّ ... وشمسُ معارفٍ تعلُو
ويا مَن قولُه فَصْلٌ ... وعُنْصُر ذاتِه فَضلُ
أبِنْ لي ما مُقَيَّدةٌ ... برِدفٍ مالَهُ وَصْلُ
بلا قلبٍ مُحجَّبةٌ ... ومنها العَقْدُ والحَلُّ
على بابِ المسَرّةِ أو ... على كنْزِ الهوَى قُفْلُ
ويحسنُ عَقْدُها لكن ... إذا حلَّيْتَها تحْلُو
فأجاب، وأجاد:
وفِكْرٍ طَلُّهُ وَبْلُ ... لنَدْبٍ فضْلُه أصْلُ
ونظمٍ أرْفَعُ الشُّهبِ ... لأدْنِى قَدرِه نَعْلُ
لَهذِي فَتْكَةٌ بِكْرٌ ... عَتَا في بَدْئِها نَصْلُ
وحُزْتُم قصَبَ السَّبقِ ... فلم يَعُدْ لكم خَصْلُ
وفُزْتُمُ من ثناً جَزْلٍ ... بما ليس له مِثْلُ
فلا زِلْتُمْ ولا زالَتْ ... بكمْ ساعاَتُنا تَحْلُو
وكتبت له ملغزا أيضا:
أيُّها المفرَدُ الذي صار جمعاً ... في المعالِي ورَقَّ لفظاً وطَبْعاَ
أيُّ شيءٍ لدى السَّمواتِ يُلْفَى ... وهْوَ في الأرض بالجَرَاءةِ يَسْعَى