للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القول الأول: أن اتصال المستثنى والمستثنى منه شرط، وبه قال جمهور العلماء؛ لقوله : «من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير» (١).

وجه الدلالة: أن النبي أرشد الحالف إذا رأى الخير في مخالفة ما حلف عليه أن يكفر عن يمينه ويأتي ما حلف عنه، ولو كان الاستثناء المتأخر صحيحا لأرشده إليه، ولم يرشده إلى التكفير؛ لأن الاستثناء أيسر على المكلفين.

القول الثاني: أن الاتصال ليس شرطاً، وهذا هو الوارد عن ابن عباس وسعيد بن جبير واختلف النقل عنه فقيل: يجيز تأخر الاستثناء شهرا أو شهرين، وقيل: أربعة أشهر، وقيل: إلى سنة، وقيل: مطلقا.

فعن ابن عباس قال: «إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثني إلى سنة، وإنما نزلت هذه الآية: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: ٢٤]، قال: إذا ذكر استثنى». وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين (٢).

والصواب في ذلك: أنه يشترط الاتصال بين المستثنى والمستثنى منه، ولو أنه حصل فاصل يسير من كلام أو سكوت فإن هذا لا بأس به ويدل لذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي لما ذكر تحريم مكة ثم تكلم النبي فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر، فقال النبي : «إلا الإذخر» (٣).


(١) رواه مسلم (١٦٥٠).
(٢) المستدرك للحاكم (٤/ ٣٣٦).
(٣) أخرجه البخاري (١١٢)، ومسلم (٤٤٧).

<<  <   >  >>