للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومصرٍ، واكتفاء الزَّوجة به. وقال الرافعي في «الشَّرح الكبير» (١) و «الأوسط»: فيه وجهان، أَقْيَسُهما: أنَّها لا تسقط؛ لأنَّه لم يُوف الواجب وتطوَّع بما ليس بواجبٍ. وصرَّحوا بأنَّ هذين الوجهين في الرَّشيدة الَّتي أذِنَ لها قيِّمُها، فإن لم يأذنْ لها لم تسقُطْ وجهًا واحدًا.

فصل

وفي حديث هند دليلٌ على جواز قول الرَّجل في غريمه ما فيه من العيوب عند شكواه، وأنَّ ذلك ليس بغيبة، ونظير ذلك قول الآخر في خصمه: «يا رسول اللَّه، إنَّه فاجرٌ لا يبالي ما حلف عليه» (٢).

وفيه دليلٌ على تفرُّد الأب بنفقة أولاده ولا تُشاركه فيها الأمُّ، وهذا إجماعٌ من العلماء إلا قولٌ شاذٌّ لا يلتفت إليه: إنَّ على الأمِّ من النَّفقةَ بقدر ميراثها، وزعم صاحب هذا القول أنَّه طردَ القياسَ على كلِّ من له ذكرٌ وأنثى في درجةٍ وهما وارثانِ فإنَّ النَّفقة عليهما، كما لو كان له أخٌ وأختٌ، أو أمٌّ وجدٌّ، أو ابنٌ وبنتٌ، فالنَّفقة عليهما على قدر ميراثهما، فكذلك الأب والأمُّ.

والصَّحيح: انفراد العصبة بالنَّفقة، وهذا كلُّه كما ينفرد بها الأب دون الأمِّ بالإنفاق، وهذا هو مقتضى قواعد الشَّرع، فإنَّ العاصب ينفرد بحمل


(١) (١٠/ ٢١، ٢٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٣٩)، وهي في خصومة بين الأشعث بن قيس ورجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض، ولم يكن لدى الأشعث بينة على قوله، فطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - اليمين من الرجل فقال الأشعث: «يا رسول الله، ... ».