الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
وبعد، فنقدّم اليوم كتابًا طال انتظار تحقيقه ضمن المشروع المبارك «آثار الإمام ابن القيم وما لحقها من أعمال»، ليس لأنه لم يطبع سابقًا بل طبع وتعدّدت طبعاتُه، لكن لأنه لم يُخدَم على المنهج العلميّ الصحيح، ولا على الوجه الذي يستحقه، ولا على ما كان يتمنّاه القراء.
ويعتبر «زاد المعاد» أو «الهدي النبوي» أشهر كتب ابن القيّم على الإطلاق، وهو رئيس كتبه، وأكبرها حجمًا، وأكثرها انتشارًا، وألصقها بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته العطرة. وهو كتاب فريد في بابه، ذَكَر فيه المؤلف هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في عباداته ومعاملاته وجميع شؤون حياته، وذَكَر مغازيه والدروس المستفادة منها، وخصَّص مجلدًا لما ورد في الطب النبوي من الأحاديث وتوسع فيه إلى غيرها، ثم توسّع في أحكام النبي وقضاياه فاستغرقت مجلدين من طبعتنا. وبهذا جمع الكتابُ كلَّ أدبٍ وعادةٍ وسيرةٍ وقضيّة كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كافّة أمور الدين والدنيا، فهو بحق يعتبر موسوعة علمية متكاملة، حتى قال فيه الشيخ أبو الحسن علي النَّدوي:«يُعتبر من أهم كتب الإسلام، الذي يقوم مقام مكتبة بأسرها»(١).
ولن نترك القارئ يتساءل طويلًا عن ميزات هذه الطبعة وما تحمله من جديد، وما تتميز به عن سابقاتها، بل سنذكر في هذا التمهيد جُمَلًا من ذلك
(١) «رجال الفكر والدعوة في الإسلام» (٢/ ٣١٥). وانظر «كتب وشخصيات» له (ص ١٥٤) حيث ذكر فيه تأثّره بهذا الكتاب في مطلع حياته.