للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما مصَّ مالكٌ ــ أبو [أبي] (١) سعيد الخدري ــ جرحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنقاه قال له: مُجَّه، قال: واللهِ لا أمُجُّه أبدًا، ثم أدبر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا» (٢).

قال الزهري، وعاصم بن عمر، ومحمد بن يحيى بن حَبَّان، وغيرُهم (٣): كان يومُ أحد يومَ بلاءٍ وتمحيصٍ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين وأظهر به المنافقين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو مُستخفٍ بالكفر، وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته، فكان مما نزل من (٤) القرآن في يوم أُحُد ستون آيةً من آل عمران أوَّلُها: {ا وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} إلى آخر القصة [آل عمران: ١٢١ - ١٧٩].

فصل

فيما اشتملت عليه هذه الغزاة من الأحكام والفقه

منها: أن الجهاد يلزم بالشروع فيه، حتى إن من لبس لَأْمَتَه وشرع في أسبابه وتأهَّب للخروج ليس له أن يرجع عن الخروج حتى يقاتلَ عدوه.

ومنها: أنه لا يجب على المسلمين إذا طرقهم عدوُّهم في ديارهم الخروجُ إليه، بل يجوز لهم أن يلزموا ديارَهم ويقاتلوهم فيها إذا كان ذلك


(١) زيادة لا بُدَّ منها لإقامة المعنى. وفي ن كُتب فوقه: «والد» بخط مغاير مصححًا عليه، أي: أن مالكًا هو والدُ أبي سعيد. وقد سبق على الصواب قريبًا (ص ٢٣١).
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (٢٥٧٣) والبيهقي في «الدلائل» (٣/ ٢٦٦) عن عمر بن السائب ــ فقيه مصري من أتباع التابعين ــ أنه بلغه عن مالك.
(٣) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣/ ٢٧٤) من رواية ابن إسحاق عنهم.
(٤) م، ق، ب: «به». والمثبت موافق لمصدر المؤلف.