للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاني، فإذا ظهرت المعاني والمقاصد فلا عبرةَ بالألفاظ لأنَّها وسائل، وقد تحقَّقت غاياتُها فترتَّبت عليها أحكامُها.

فصل

وأمَّا نكاح المُتْعة: فثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه أحلَّها عام الفتح، وثبت عنه أنَّه نهى عنها عام الفتح (١)، واخْتُلِف هل نهى عنها يوم خيبر؟ على قولين، والصَّحيح: أنَّ النَّهي عنها إنَّما كان عام الفتح، وأنَّ النَّهي يوم خيبر إنَّما كان عن الحُمُر الأهليَّة، وإنَّما قال عليٌّ لابن عبَّاسٍ: «إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن مُتْعة النِّساء، ونهى عن الحُمُر الأهليَّة» (٢) محتجًّا عليه في المسألتين، فظنَّ بعضُ الرُّواة أنَّ التَّقييد بيوم خيبر راجعٌ إلى الفصلين، فرواه بالمعنى، ثمَّ أفرد بعضُهم أحدَ الفصلين وقيَّده بيوم خيبر، وقد تقدَّم بيان المسألة في غزاة الفتح (٣).

وظاهر كلام ابن مسعودٍ إباحتها، فإنَّ في «الصَّحيحين» (٤) عنه: «كنَّا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساءٌ، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمَّ رخَّص لنا بعدُ أن ننكح المرأةَ بالثَّوب إلى أجلٍ، ثمَّ قرأ عبد الله: {(٨٦) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا


(١) أخرج ذلك مسلم (١٤٠٦) من حديث سبرة بن معبد الجهني - رضي الله عنه -: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة عام الفتح، حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها».
(٢) أخرجه البخاري (٤٢١٦)، ومسلم (١٤٠٧).
(٣) (٣/ ٥٦٧ - ٥٧٠).
(٤) أخرجه البخاري (٥٠٧١، ٥٠٧٥)، ومسلم (١٤٠٤).