للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكور في الأنواع الَّتي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما كان مساويًا لها لا فرق بينها وبينه، فهذا هو المانع من صحَّة العقد.

فإذا عُرِف هذا، فبيعُ المغيَّبات في الأرض انتفى عنه الأمران، فإنَّ غرره يسيرٌ، ولا يمكن الاحتراز منه، فإنَّ الحقول الكبار لا يمكن بيعُ ما فيها من ذلك إلا وهو في الأرض، فلو شُرِطَ لبيعه إخراجه دفعةً واحدةً كان في ذلك من المشقَّة وفساد الأموال ما لا يأتي به شرعٌ، وإن مُنِع بيعُه (١) إلا شيئًا فشيئًا كلَّما أخرج شيئًا باعه، ففي ذلك من الحرج والمشقَّة وتعطُّلِ مصالح أرباب تلك الأموال ومصالح المشتري ما لا يخفى، وذلك ممَّا لا يوجبه الشَّارع، ولا تقوم مصالح النَّاس بذلك البتَّةَ، حتَّى إنَّ الذين يمنعون من بيعها في الأرض إذا كان لأحدهم فِراخٌ (٢) كذلك، أو كان ناظرًا عليه، لم يجد بُدًّا من بيعه في الأرض اضطرارًا إلى ذلك. وبالجملة، فليس هذا من الغرر الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نظيرًا لما نهى عنه من البيوع. والله أعلم.

فصل

وليس منه بيع المسك في فَأْرته (٣)، بل هو نظير ما (٤) مأكولُه في جوفه، كالجوز واللَّوز والفُستق وجوز الهند، فإنَّ فأرته وعاءٌ له تَصُونه من الآفات، وتحفظ عليه رطوبته ورائحته، وبقاؤه فيها أقرب إلى صيانته من الغشِّ


(١) ص، ح: «بتغيير». د، ز: «بتعيين»، تحريف.
(٢) في المطبوع: «خراج»، والمثبت من النسخ. وفِراخ الشجرة: ما ينمو عليها بعد أن تُقطع فروعها، ويطلق أيضًا على كل صغير من النبات والشجر وغيرها.
(٣) فأرة المسك: وعاؤه الذي يجتمع فيه.
(٤) «ما» ساقطة من ص، د، ح.