للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فما تقولون في تخصيص يوم غيره بالصيام؟ قيل: أما تخصيص ما خصَّصه الشارع كيوم الاثنين ويوم عرفة ويوم عاشوراء، فسنَّة. وأما تخصيص غيره كيوم السَّبت والثلاثاء والأحد والأربعاء، فمكروه. وما كان منها أقرب إلى التشبُّه بالكفار لَتخصيص أيام أعيادهم بالتعظيم والصيام، فأشدُّ كراهةً وأقربُ إلى التحريم.

الثانية والثلاثون (١): إنه يوم اجتماع الناس وتذكيرهم بالمبدأ والمعاد. وقد شرع الله سبحانه لكلِّ أمة في الأسبوع يومًا، يتفرَّغون فيه للعبادة، ويجتمعون فيه لتذكُّر المبدأ والمعاد والثواب والعقاب، ويتذكَّرون به (٢) اجتماعهم يوم الجمع الأكبر (٣) قيامًا بين يدي ربِّ العالمين. وكان أحقَّ الأيام بهذا الغرض المطلوب اليومُ الذي يجمع الله فيه الخلائق، وذلك يوم الجمعة. فذخَره الله لهذه الأمة لفضلها وشرفها، فشرع اجتماعها في هذا اليوم لطاعته، وقدَّر اجتماعها فيه مع الأمم لنيل كرامته. فهو يوم الاجتماع شرعًا وقدرًا (٤). وفي مقدار انتصافه وقتَ الخطبة والصلاة يكون أهلُ الجنة في منازلهم، وأهلُ النار في منازلهم، كما ثبت عن ابن مسعود من غير وجه أنه قال: لا ينتصف النهارُ يومَ القيامة حتى يَقيل (٥) أهلُ الجنة في منازلهم وأهلُ النار في


(١) كذا في جميع النسخ ما عدا ن: «الثانية والثلاثون» في موضع «الثالثة والثلاثون»، وقد أصلح في ع. وقد سبق التنبيه على ما وقع من السهو بعد الرابعة والعشرين، إذ تكرَّرت، فسقط رقم في العدِّ إلى آخره.
(٢) ما عدا ق، م: «فيه».
(٣) لم يرد لفظ «الأكبر» في ص، ج.
(٤) في النسخ المطبوعة: «شرعًا في الدنيا وقدرًا في الآخرة».
(٥) ق، م: «تقيل».