للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرضنا (١) فقد مضت الثلاث، فقال سعد بن عبادة: كذبتَ لا أمَّ لك! ليست بأرضك ولا أرض آبائك، والله لا يخرج! ثم نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُهيلًا أو حويطبًا فقال: «إني قد نكحت منكم امرأةً، فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا» (٢)، فقالوا: نناشدك الله والعقد إلَّا خرجت عنا، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبا رافع فأذَّن بالرحيل، وركب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بطن سَرِف (٣) فأقام بها وخلَّف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمسي، وأقام حتى قدمت ميمونة ومن معها، وقد لقُوا أذًى وعناءً من سفهاء المشركين وصبيانهم، فبنى بها بسَرِف، ثم أدلج وسار حتى قدم المدينة، وقدَّر الله أن يكون قبر ميمونة بسرف حيث بنى بها.

فصل

وأما قول ابن عباس: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال» فمما استُدرك عليه وعُدَّ من وهمه. قال سعيد بن المسيب: «وَهِل (٤) ابن عباس وإن كانت خالته، ما تزوَّجها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد ما حل». ذكره البخاري (٥).


(١) أي: إلَّا خرجت من أرضنا.
(٢) هذا لفظ موسى بن عقبة عن الزهري مرسلًا. وله شاهد بنحوه من حديث ابن عباس عند الطبراني في «المعجم الكبير» (١١/ ١٧٣) والحاكم (٤/ ٣١) والضياء في «المختارة» (١١/ ٢١٦) بإسناد حسن.
(٣) وادٍ في شمال مكة في محلّة النَّوارية، ولا يزال معروفًا بهذا الاسم.
(٤) المطبوع: «ووهم» خلافًا للأصول ولـ «دلائل النبوة» وهو مصدر المؤلف.
(٥) برقم (١٨٣٧) مقتصرًا على قول ابن عباس من طريق عبد القدوس بن الحجاج عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عنه. وأخرجه مع قول ابن المسيب البيهقيُّ في «سننه» (٧/ ٢١٢) و «الدلائل» (٤/ ٣٣٢) من الطريق نفسه، والمؤلف صادر عن أحدهما، وإنما أخذ العزو من قول البيهقي عقبه: «رواه البخاري في الصحيح عن عبد القدوس بن الحجاج».
وأخرج البخاري (٤٢٥٨) ومسلم (١٤١٠) قول ابن عباس أيضًا من طرق أخرى عنه. وأخرج أبو داود (١٨٤٥) قول ابن المسيب من طريق آخر عنه.