للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونهى الصَّائم عن الرَّفَث والصَّخَب والسِّباب وجواب السِّباب، وأمره أن يقول لمن سابَّه: «إنِّي صائمٌ» (١). فقيل: يقوله بلسانه وهو أظهر، وقيل: بقلبه تذكيرًا لنفسه بالصَّوم، وقيل: يقوله في الفرض بلسانه، وفي التَّطوِّع في نفسه، لأنَّه أبعد عن الرِّياء.

فصل

وسافر في رمضان، فصام وأفطر (٢)، وخيَّر أصحابَه بين الأمرين (٣).

وكان يأمرهم بالفطر إذا دَنَوا من عدوِّهم، ليتقوَّوا على لقائه (٤).

فلو اتَّفق مثل هذا في الحضر وكان في الفطر قوَّةٌ لهم على لقاء عدوِّهم فهل لهم الفطر؟ فيه قولان، أصحُّهما دليلًا: أنَّ لهم ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، وبه أفتى العساكرَ الإسلاميَّة لمَّا لَقُوا العدوَّ بظاهر دمشق (٦). ولا ريبَ أنَّ الفطر بذلك أولى من الفطر بمجرَّد السَّفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيهٌ على إباحته في هذه الحال، وأنها أحقُّ بجوازه، لأنَّ القوَّة هناك تختصُّ بالمسافر، والقوَّة هنا له وللمسلمين، ولأنَّ مشقَّة الجهاد أعظم


(١) رواه البخاري (١٩٠٤) ومسلم (١١٥١/ ١٦٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (١٩٤٧) ومسلم (١١١٨) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٣) رواه البخاري (١٩٤٣) ومسلم (١١٢١) من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي - رضي الله عنه -.
(٤) ع: «عليه». وسيأتي تخريج الحديث.
(٥) ينظر: «البداية والنهاية» (١٨/ ٢٧).
(٦) في وقعة شقحب سنة ٧٠٢ كما في المصدر السابق (١٨/ ٢٢ - ٢٧).