للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في غزوة ذات السُّلاسل

وهي وراء وادي القُرى (١)، بضم السين الأولى وفتحها لغتان، وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وكانت في جُمادى الآخرة سنة ثمان.

قال ابن سعد (٢): بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جمعًا من قُضاعة قد تجمعوا يريدون أن يَدنوا إلى أطراف المدينة، فدعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص فعقد له لواءً أبيض وجعل معه رايةً سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سَراة المهاجرين والأنصار ومعهم ثلاثون فرسًا، وأمره أن يستعين بمن مرَّ به من بَليٍّ وعُذرة وبَلْقَين، فسار الليل وكمن النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعًا كثيرًا فبعث رافع بن مَكِيث الجُهَني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمدُّه، فبعث إليه أبا عُبَيدة بن الجرَّاح في مائتين وعقد له لواءً، وبعث له (٣) سراة المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر وعمر، وأمره أن يلحق بعمرٍو وأن يكونا جميعًا ولا يختلفا، فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤمَّ الناس، فقال عمرو: إنما قدِمتَ عليَّ مددًا وأنا الأمير، فأطاعه أبو عبيدة فكان عمرو يصلي بالناس، وسار حتى وطئ بلاد قضاعة فدوَّخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم، ولقي في آخر ذلك جمعًا فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرَّقوا،


(١) وادي القُرى معروف اليوم بوادي العُلا، وقد سبق التعريف به.
(٢) «الطبقات» (٢/ ١٢١)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٥٧). وانظر خبر الغزوة عند عروة بن الزبير وموسى بن عقبة في «الدلائل» (٤/ ٣٩٧)، وعند ابن إسحاق في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٦٢٣)، وعند الواقدي في «مغازيه» (٢/ ٧٦٩).
(٣) كذا في الأصول، وفي مصدر النقل: «معه».