للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقوله: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، تبيَّن لك بطلان ما ذكروه من التَّأويل، وأنَّ الحديث صريحٌ في خلافه، لا يحتمله بوجهٍ، والله أعلم.

والعجب أنَّ منازعينا في هذه المسألة يجعلون الزَّوجة فراشًا بمجرَّد العقد، وإن كان بينها وبين الزَّوج بُعْدُ المشرقين، ولا يجعلون سُرِّيَّته التي تكرَّرَ استفراشه لها ليلًا ونهارًا فراشًا!

فصل

واختلف الفقهاء فيما تصير به الزَّوجة فراشًا، على ثلاثة أقوالٍ:

أحدها: أنَّه نفس العقد وإن عُلِم أنَّه لم يجتمع بها، بل لو طلَّقها عقيبَه في المجلس، وهذا مذهب أبي حنيفة.

والثَّاني: أنَّه العقد مع إمكان الوطء، وهذا مذهب الشَّافعيِّ وأحمد.

والثَّالث: أنَّه العقد مع الدُّخول المحقَّق لا إمكانُه المشكوك فيه. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وقال (١): إنَّ أحمد أشار إليه في رواية حرب، فإنَّه نصَّ في روايته (٢) فيمن طلَّق قبل البناء وأتت امرأته بولدٍ فأنكره، أنَّه ينتفي عنه بغير لعانٍ. وهذا هو الصَّحيح المجزوم به، وإلَّا فكيف تصير المرأة فراشًا ولم يدخل بها الزَّوج ولم يَبْنِ بها لمجرَّد إمكانٍ بعيدٍ؟ وهل يَعُدُّ أهلُ العرف أو اللُّغة المرأةَ فراشًا قبل البناء بها؟ وكيف تأتي الشَّريعة بإلحاق نسبٍ بمن لم يَبْنِ بامرأته ولا دخلَ بها ولا اجتمع بها لمجرَّد إمكان ذلك؟ وهذا


(١) لم أجد كلامه في المطبوع من كتبه. وانظر: «الفروع» (٩/ ٢١٦)، و «الاختيارات» للبعلي (ص ٣٩٩).
(٢) لم أجد النصَّ في المطبوع منها. وهو في «المحرر» (٢/ ١٠١).