للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشبع أكلتُ أو لم آكل، وإن لم يقدر لي الشبع لم أشبع أكلتُ أو لم آكل، فما فائدة الأكل؟ وأمثال هذه التُّرَّهات الباطلة المنافية لحكمة الله تعالى وشرعه، وبالله التوفيق.

فصل

وفيها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرط لصفوان في العارية الضمان فقال: «بل عارية مضمونة»، فهل هذا إخبار عن شرعه في العارية ووصف لها بوصفٍ شرعه الله فيها، وأن حكمها الضمان كما تُضمن الغُصُوب (١)، أو إخبار عن ضمانها بالأداء بعينها، ومعناه أني ضامن لك تأديتها وأنها لا تذهب بل أردُّها إليك بعينها؟

هذا مما اختلف فيه الفقهاء (٢)، فقال الشافعي وأحمد بالأول وأنها مضمونة بالتلف. وقال أبو حنيفة ومالك بالثاني وأنها مضمونة بالرد، على تفصيل في مذهب مالك وهو أن العين إن كانت مما لا يُغاب عليه (٣) كالحيوان والعقار لم تُضمَن بالتلف إلا أن يظهر كذبه، وإن كانت مما يُغاب عليه كالحُلِيِّ ونحوه ضمنت بالتلف إلا أن يأتي ببينةٍ تشهد على التلف، وسرُّ مذهبه أن العارية أمانة غير مضمونة كما قال أبو حنيفة، إلا أنه لا يُقبَل قوله فيما يخالف الظاهر، فلذلك فَرَّق بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه.


(١) كذا في ف، ص، د، ث. وفي سائر الأصول والمطبوع: «يُضمن المغصوب».
(٢) انظر: «الأم» (٤/ ٥١٢)، و «الإنصاف» (١٥/ ٨٨)، و «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٤/ ١٨٥)، و «المدونة» (١٠/ ١٩٢) و «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٧٣٢).
(٣) أي لا يُمكن إخفاؤه.