للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرهم عن عِيرهم في مَسْراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها وعن البعير الذي يَقْدُمُها (١)، فكان الأمر كما قال، فلم يَزِدهم ذلك إلا نفورًا وأبى الظالمون إلا كفورًا (٢).

فصل

وقد نقل ابن إسحاق (٣) عن عائشة ومعاوية أنهما قالا: إنما كان الإسراء بروحه ولم يفقد جسده، ونقل عن الحسن البصري نحو ذلك، ولكن ينبغي أن يعلم الفرق بين أن يقال: كان الإسراء منامًا وبين أن يقال: كان بروحه دون جسده، وبينهما فرق عظيم، وعائشة ومعاوية لم يقولا: كان منامًا، وإنما قالا: أُسرِي بروحه ولم يفقد جسده، وفرق بين الأمرين، فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالًا مضروبةً للمعلوم في الصور المحسوسة، فيرى كأنه قد عُرِج به إلى السماء أو ذهب به إلى مكة أو أقطار الأرض وروحُه لم تصعد ولم تذهب، وإنما مَلَكُ الرؤيا ضرب له المثال.

والذين قالوا: عُرِج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طائفتان: طائفة قالت: عرج بروحه وبدنه، وطائفة قالت: عرج بروحه ولم يفقد بدنه، وهؤلاء لم يريدوا أن المعراج كان منامًا، وإنما أرادوا أن الروح ذاتَها أسري بها وعرج بها حقيقةً، وباشرت من


(١) أي يتقدّمها، ومن قوله تعالى عن فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: ٩٨].
(٢) أخرج أحمد (٣٥٤٦) والنسائي في «الكبرى» (١١٢١٩) بمعناه من حديث ابن عباس. وإسناده صحيح كما قال ابن كثير في «تفسيره» (الإسراء: ١).
(٣) (١/ ٣٩٩ - ٤٠٠)، والإسناد إليهما لا يصحّ، وما نقله عن الحسن ليس صريحًا في ذلك، بل الصريح عنه يخالفه. انظر: «تفسير الطبري» (١٤/ ٦٤٢).