للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في رقية القُرحة والجُرح (١)

أخرجا في «الصَّحيحين» (٢) عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى الإنسانُ أو كانت به قُرحةٌ أو جُرحٌ قال بإصبعه: هكذا ــ ووضع سفيان سبَّابته بالأرض، ثمَّ رفعها ــ وقال: «بسم الله، تربةُ أرضنا، بريقة بعضِنا، لَيُشْفَى سقيمُنا، بإذن ربِّنا».

هذا من العلاج السهل (٣) الميسَّر النَّافع المركَّب. وهي معالجةٌ لطيفةٌ تعاَلج بها القروح والجراحات الطَّريَّة، لا سيَّما عند عدم غيرها من الأدوية، إذ كانت موجودةً بكلِّ أرضٍ. وقد عُلِم أنَّ طبيعة التُّراب الخالص باردةٌ يابسةٌ مجفِّفةٌ لرطوبات القروح والجراحات الَّتي تمنع الطَّبيعةَ من جودة فعلها وسرعة اندمالها، لا سيَّما في البلاد الحارَّة، وأصحاب الأمزجة الحارَّة. فإنَّ القروح والجراحات يتبعها في أكثر الأمر سوءُ مزاجٍ حارٍّ فتجتمع حرارةُ البلد والمزاج والجراح. وطبيعة التُّراب الخالص باردةٌ يابسةٌ أشدُّ من برودة جميع الأدوية المفردة الباردة، فتقابل برودةُ التُّراب حرارةَ المرض، لا سيَّما إن كان التُّرابُ قد غُسِل وجُفِّف. ويتبعها أيضًا كثرةُ الرُّطوبات الرَّديَّة والسَّيلان، والتُّراب مجفِّفٌ لها، مزيلٌ بشدَّة (٤) يبسه وتجفيفه للرُّطوبة الرَّديَّة المانعة من برئها (٥). ويحصل


(١) كتاب الحموي (ص ٢٩٥ - ٢٩٧) والفصل برُمَّته منقول منه.
(٢) البخاري (٥٧٤٥) ومسلم (٢١٩٤) وقد تقدم.
(٣) لفظ «السهل» ساقط من طبعة الرسالة.
(٤) ن: «لشدَّة». وفي كتاب الحموي كما أثبت.
(٥) في جميع النسخ: «بَردها» بالدال. والظاهر أن الدال تصحيف الواو كما في مخطوطة كتاب الحموي (ق ٨٢/ب) يعني: «برئها».