للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتى العُرَيض (١) في طرف المدينة، وبات ليلةً واحدةً عند سلَام بن مِشْكَم اليهودي، فسقاه الخمرَ وبَطَن له مِن خبر الناس، فلما أصبح قطع أصوارًا (٢) من النخل، وقتل رجلًا من الأنصار وحليفًا له، ثم كرَّ راجعًا.

ونَذِرَ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج في طلبه، فبلغ قَرْقَرة الكُدْر (٣) وفاته أبو سفيان، وطرح الكفارُ سَوِيقًا كثيرًا من أزوادهم يتخفَّفُون به، فأخذها المسلمون، فسُمِّيت غزوةَ السويق، وكان ذلك بعد بدر بشهرين (٤).

فصل (٥)

فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بقية ذي الحجة ثم غزا نجدًا يريد غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، فأقام هناك صفرًا كلَّه من السنة الثالثة، ثم انصرف ولم يلقَ حربًا (٦).


(١) وهو اليوم حيٌّ معروف بهذا الاسم شرقيَّ المسجد النبوي.
(٢) جمع «الصَّور» بفتح الصاد، وهو النخل المُجتمِع الصِّغار. والذي عند أهل السير أنهم حرقوا فيها، ولم أجد مَن ذكر القطع.
(٣) القرقرة: أرض مطمئنة وسط القاع، لا شجر فيها ولا حجارة، وإنما هي طين. والكُدر سبق التعريف به آنفًا.
(٤) انظر خبر هذه الغزاة عند أبي الأسود عن عروة في «الدلائل» للبيهقي (٤/ ١٦٥)، وعند موسى بن عقبة في «الدلائل» أيضًا (٣/ ١٦٤)، وابن إسحاق في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٤)، والواقدي في «مغازيه» (١/ ١٨١)، وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٢٧).
(٥) العنوان ساقط من المطبوع.
(٦) ويقال لها «غزوة ذي أمرَّ». وانظر خبرها عند ابن إسحاق في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٦) والواقدي (١/ ١٩٣) وابن سعد (٢/ ٣١)، وسياق المؤلف برواية ابن إسحاق أشبه.