للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأتين، وإخلاءٌ لنكاحهما عن مهرٍ تنتفع به.

وهذا هو الموافق للغة العرب، فإنَّهم يقولون: بلدٌ شاغرٌ من أميرٍ، ودارٌ شاغرةٌ من أهلها: إذا خلت، وشَغَر الكلبُ: إذا رفع رجله وأخلى مكانها. فإذا سمَّوا مهرًا مع ذلك زال المحذور، ولم يبق إلا اشتراط كلِّ واحدٍ على الآخر شرطًا لا يؤثِّر في فساد العقد، فهذا منصوص أحمد.

وأمَّا مَن فرَّق، فقال: إن قالوا مع التَّسمية: إنَّ بُضع كلِّ واحدةٍ مهرٌ للأخرى فسَدَ؛ لأنَّها لم يرجع إليها مهرها وصار بُضْعها (١) لغير المستحقِّ، وإن لم يقولوا ذلك صحَّ.

والَّذي يجيء على أصله أنَّهم متى عقدوا على ذلك وإن لم يقولوه بألسنتهم: أنَّه لا يصحُّ؛ لأنَّ القُصود (٢) في العقود معتبرةٌ، والمشروط عُرفًا كالمشروط لفظًا، فيبطل العقد بشرطِ ذلك والتَّواطُؤ عليه ونيِّتهِ، فإن سُمِّي لكلِّ واحدةٍ مهرُ مثلها صحَّ، وبهذا تظهر حكمة النَّهي واتِّفاق الأحاديث في هذا الباب، والله الموفق للصواب.

فصل

وأمَّا نكاح المحلِّل: ففي «المسند» والتِّرمذيِّ (٣) من حديث ابن مسعودٍ


(١) في جميع الأصول وط الهندية: «بعضه» والصواب ما أثبت. وينظر «الفتاوى الكبرى»: (٣/ ٢٠٤).
(٢) تصحفت في ث، ن، ط الهندية إلى: «المقصود».
(٣) أخرجه أحمد في «المسند» (٤٢٨٣، ٤٢٨٤)، والترمذي (١١٢٠)، والنسائي (٣٤١٦)، من طرقٍ عن سفيان عن أبي قيس عن الهزيل عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو أصح ما في الباب، وصححه الترمذي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، وابن الملقن. ينظر «البدر المنير»: (٧/ ٦١٢)، و «التلخيص»: (٣/ ٣٧٢). وفي الباب عن علي، وجابر، وعُقبة بن عامر، وابن عباس - رضي الله عنه -، كما سيأتي.