للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «مسند أحمد» (١) من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم لبس ثيابه ومسَّ طيبًا إن كان عنده، ثم مشى إلى الجمعة وعليه السكينة، ولم يتخطَّ أحدًا ولم يؤذه، وركع ما قُضي له، ثم انتظر حتى ينصرف الإمام= غُفِر له ما بين الجمعتين».

التاسعة عشر: أنَّ جهنَّم تُسْجَر كلَّ يوم إلا يوم الجمعة. وقد تقدَّم حديث أبي قتادة في ذلك. وسرُّ ذلك ــ والله أعلم ــ أنه أفضل الأيام عند الله ويقع فيه من العبادات والطاعات والدعوات والابتهال إلى الله سبحانه ما يمنع من سَجْر جهنَّم فيه. ولذلك تكون معاصي أهل الإيمان فيه أقلَّ من معاصيهم في غيره، حتى إنَّ أهل الفجور ليمتنعون فيه مما لا يمتنعون منه في يوم السبت وغيره.

وهذا الحديث، الظاهر أنَّ المراد منه سَجْر جهنَّم في الدنيا، وأنها توقد كلَّ يوم إلا يوم الجمعة. وأما يوم القيامة، فإنَّها لا يفتُر عذابها، ولا يخفَّف عن أهلها الذين هم أهلُها يومًا من الأيام. ولذلك يدعُون الخزَنةَ أن يدعوا ربَّهم، فيخفِّفَ (٢) عنهم يومًا من العذاب، فلا يجيبونهم إلى ذلك.

العشرون: أن فيه ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يُسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه. ففي «الصحيحين» (٣) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ في الجمعة لساعةً لا يوافقها مسلمٌ وهو قائم يصلِّي يسأل الله عز وجلَّ شيئًا إلا أعطاه إياه» وقال بيده يقلِّلها.


(١) برقم (٢١٧٢٩)، وهو منقطع بين حرب بن قيس وأبي الدرداء.
(٢) ك: «ليخفف». ع: «أن يخفف».
(٣) البخاري (٩٣٥، ٥٢٩٤، ٦٤٠٠) ومسلم (٨٥٢).