للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج الحارث يومًا فجلس ووضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأه ثم رمى به وقال: من ينتزع مني ملكي؟! وقال: أنا سائر إليه، ولو كان باليمن جئته! عليَّ بالناس! فلم يزل يَفرِض (١) حتى قام، وأمر بالخيول تُنعَل ثم قال: أخبر صاحبك بما ترى، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم عليه، فكتب قيصر إليه أن: لا تَسِر ولا تعبُر إليه، والْهُ عنه ووافِني بإيلياء؛ فلما جاءه جوابُ كتابه دعاني فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت: غدًا فأمر لي بمائة مثقال ذهبٍ، ووصلني حاجبُه بنفقةٍ وكسوةٍ وقال: اقرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني السلام، فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: «باد ملكُه»، وأقرأتُه مِن حاجبه السلام وأخبرتُه بما قال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق». ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح.

ففي هذه المدة (٢) أرسل ملكُ غسَّانَ يدعو كعبًا إلى اللَّحاق به، فأبت له سابقةُ الحسنى أن يرغب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودينه.

فصل

وفي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهؤلاء الثلاثة أن يعتزلوا نساءهم لما مضى لهم أربعون ليلةً كالبشارة بمقدمات الفرج والفتح من وجهين:


(١) طبعة الرسالة: «فلم تزل تُعرض»، تحريف مخالف للأصول والطبعة الهندية ومصدر الخبر.
(٢) أي المدة التي كانت فيها غسان حربًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فالحارث بن أبي شمر كان قد هلك قبل غزوة تبوك كما سبق.