للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وفيها: انتقاض عهد جميعهم بذلك رِدئهم ومباشرهم (١) إذا رضُوا بذلك وأقرُّوا عليه ولم ينكروه، فإن الذين أعانوا بني بكر من قريش بعضُهم، لم يقاتلوا كلهم معهم، ومع هذا فغزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّهم. وهذا كما أنهم دخلوا في عقد الصلح تبعًا، ولم ينفرد كل واحد منهم بصلح إذ قد رضوا به وأقروا عليه، فكذلك حكم نقضهم للعهد. هذا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا شك فيه كما ترى.

وطرد هذا جريان هذا الحكم على ناقضي العهد من أهل الذمة إذا رضي جماعتهم به، وإن لم يباشر كلُّ واحدٍ منهم ما ينقض عهدَه، كما أجلى عمر يهود خيبر لما عدا بعضهم على ابنه ورمَوه من ظهر دارٍ ففدَعُوا يده (٢)، بل قد قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميع مقاتلة بني قريظة ولم يسأل عن كل رجلٍ رجلٍ (٣) منهم هل نقض العهد أم لا؟ وكذلك أجلى بني النضير كلَّهم، وإنما كان الذي همَّ بالقتل به رجلان، وكذلك فعل ببني قينقاع حتى استوهبهم منه عبد الله بن أُبيّ؛ فهذه سيرته وهديه الذي لا شك فيه.

وقد أجمع المسلمون على أن حكم الرِّدء حكمُ المباشر في الجهاد، ولا يشترط في قسمة الغنيمة ولا في الثواب مباشرةُ كل واحدٍ واحدٍ للقتال.

وهكذا حكم قُطَّاع الطريق، حكمُ ردئهم حكم مباشرهم، لأن المباشر إنما


(١) س، المطبوع: «مباشريهم».
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٣٠). والفَدَع: اعوجاج في الأرساغ وغيرها من المفاصل وزوالها عن أماكنها من غير كسر.
(٣) «رجل» الثانية ساقطة من ب، ث، س، المطبوع.