للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعله مِن ذلك عبثًا ولا قدَّره سدًى، بل هو عين المصلحة والحكمة والعدل والرحمة، مصدره كمالُ علمه وعزَّته وحكمته ورحمته؛ ولقد أتمَّ نعمته على قوم ردَّهم إلى منازلهم برسوله يقودونه إلى ديارهم، وأرضى من لم يعرف قدر هذه النعمة بالشاء والبعير، كما يُعطى الصغيرُ ما يناسب عقله ومعرفته ويُعطى العاقلُ اللبيبُ ما يناسبه، وهذا فضله وهذا فضله (١)، وليس هو سبحانه تحت حَجر أحدٍ من خلقه فيوجبون عليه بعقولهم ويُحرِّمون، ورسولُه منفذ لأمره.

فإن قيل: فلو دعت حاجة الإمام في وقت من الأوقات إلى مثل هذا مع عدوِّه، هل يسوغ له ذلك؟

قيل: الإمام نائب عن المسلمين يتصرف لمصالحهم وقيام الدين، فإن تعيَّن ذلك للدفع عن الإسلام والذبِّ عن حوزته واستجلابِ رؤوس أعدائه إليه ليأمنَ المسلمون شرَّهم ساغ له ذلك، بل تعيَّن عليه، وهل تُجوِّز الشريعة غير هذا؟! فإنه وإن كان في الحرمان مفسدة، فالمفسدة المتوقَّعة من فوات تأليف هذا العدو أعظم، ومبنى الشريعة على دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وتحصيلِ أكمل المصلحتين بتفويت أدناهما، بل بناء مصالح الدنيا والدين على هذين الأصلين. وبالله التوفيق.

فصل

وفيها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يُطيِّب (٢)، فله بكل فريضة ستُّ فرائضَ مِن أول ما يفيء الله علينا».


(١) «وهذا فضله» سقط من المطبوع.
(٢) ص، د: «لم يَطِب»، تصحيف. وزِيد في النسخ المطبوعة بعده: «نفسه»، وليس في شيء من الأصول.