للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم».

وكما أن الذلَّة مضروبة على من خالف أمره، فالعزُّ لأهل طاعته ومتابعته. قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٣٩]. وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨]. وقال تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد: ٣٥].

وقال تعالى (١): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤]. أي: الله وحده كافيك، وكافي أتباعك، فلا تحتاجون (٢) معه إلى أحد. وهنا تقديران، أحدهما: أن تكون الواو عاطفةً لـ (مَنْ) على الكاف المجرورة. ويجوز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار على المذهب المختار، وشواهده كثيرة، وشُبَهُ المنع منه واهية.

والثاني: أن تكون الواو واوَ مع، وتكون (مَنْ) في محلِّ نصب عطفًا على الموضع، فإن «حسبك» في معنى «كافيك»، أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك، كما تقول العرب: حسبك وزيدًا درهم. قال الشاعر:

إذا كانت الهيجاء وانشقَّت العصا ... فحسبُك والضحاكَ سيفٌ مهنَّدُ (٣)


(١) من هنا تبدأ النسخة العراقية (ع).
(٢) ك، ع: «ولا تحتاجون».
(٣) عزاه القالي في «ذيل الأمالي» (ص ١٤٠) إلى جرير، ولم يرد في ديوانه. وقد ورد البيت في مصادر كثيرة ولكن دون عزو. انظر مثلًا «معاني القرآن» للفراء (١/ ٤١٧) و «الأصول» لابن السراج (٢/ ٣٧) و «جمهرة اللغة» (٢/ ١٠٤٧) و «سمط اللآلي» (٣/ ٦٥).