ومنها: أن من عذره الله في التخلف عن الجهاد لمرضٍ أو عرج يجوز له الخروج إليه وإن لم يجب عليه، كما خرج عمرو بن الجموح وهو أعرج.
ومنها: أن المسلمين إذا قتلوا واحدًا منهم في الجهاد يظنونه كافرًا فعلى الإمام دِيَتهُ من بيت المال، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يَدِي اليمان أبا حذيفة فامتنع حذيفةُ مِن أخذ الدية وتصدَّق بها على المسلمين.
فصل
في ذكر بعض الحكم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أُحُد
وقد أشار الله سبحانه إلى أمهاتها وأصولها في سورة آل عمران حيث افتتح القصة بقوله:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}[آل عمران: ١٢١] إلى تمام ستين آيةً.
فمنها: تعريفهم سوءَ عاقبة المعصية والفشل والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}[آل عمران: ١٥٢].
فلما ذاقوا عاقبةَ معصيتهم للرسول وتنازُعِهم وفشلِهم كانوا بعد ذلك أشدَّ حذرًا ويقظةً وتحرُّزًا من أسباب الخذلان.
ومنها: أن حكمة الله وسنَّته في رسله وأتباعهم جرت بأن يُدالوا مرةً ويدال عليهم أخرى، لكن تكون لهم العاقبة، فإنهم لو انتصروا دائمًا دخل معهم المؤمنون وغيرهم ولم يتميَّز الصادقُ من غيره، ولو انتُصِر عليهم دائمًا