للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ليتني فيها جَذَعْ ... أخُبُّ فيها وأَضَعْ

أقود وَطْفَاءَ الزَّمَعْ ... كأنها شاة صَدَعْ (١)

ثم قال مالك للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جُفُونَ سيوفكم ثم شُدُّوا شدةَ رجلٍ واحد، وبعث عيونًا من رجاله فأتوه وقد تفرَّقت أوصالُهم، قال: ويلكم ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالًا بيضًا على خيل بُلْقٍ، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فواللهِ ما ردَّه ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.

ولمَّا سمع بهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم، فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد جمعوا له من حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمع من مالكٍ وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر (٢).

فلما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السير إلى هوازن ذُكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعًا وسلاحًا، فأرسل إليه ــ وهو يومئذ مشرك (٣) ــ فقال: «يا أبا أمية، أعِرْنا سلاحَك هذا نلقى فيه عدوَّنا غدًا»، فقال صفوان: أغَصْبًا يا محمد؟


(١) الخَبَب والوَضْع: ضربان من المشي السريع والعَدْو. وطفاء الزَّمع: أي فرس طويلةُ شعرِ الزَّمَعِ، والزَّمَعة ــ ويقال لها الثُّنَّة ــ: الشعر المُدَلَّى من رُسغ الدابة في مؤخر الرجل، يُحمَد في الفَرَس وفوره وطوله. والصَّدَع: الفتيُّ الشابُّ القويّ من الأوعال والظباء.
(٢) خبر إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن أبي حدرد عينًا ذكره أيضًا عروة بن الزبير (في رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه) وموسى بن عقبة في مغازيهما، كما في «دلائل النبوة» للبيهقي (٥/ ١٢٩).
(٣) وهو يومئذ في مدة الخيار الذي جعل له النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الفتح، وقد سبق (ص ٥٠٥).