للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدٌ رجع (١). وإلَّا فلو كان هديه الدَّائم التَّسليم ثلاثًا لكان أصحابه يسلِّمون عليه كذلك، ولكان يسلِّم على كلِّ (٢) من لقيه ثلاثًا، وإذا دخل بيته سلَّم ثلاثًا. ومن تأمَّل هديه علم أنَّ الأمر ليس كذلك، وأنَّ تكرار السَّلام كان منه أمرًا عارضًا في الأحيان (٣)، والله أعلم.

فصل

وكان يبدأ من لقيه بالسَّلام، وإذا سلَّم عليه أحدٌ ردَّ عليه مثلَ تحيَّته أو أفضلَ منها على الفور من غير تأخيرٍ، إلا لعذرٍ مثل حالة الصَّلاة، أو حالة قضاء الحاجة.

وكان يُسمِع المسلمَ ردَّه عليه، ولم يكن يردُّ بيده ولا رأسه ولا إصبعه إلا في الصَّلاة، فإنَّه كان يردُّ على من سلَّم عليه إشارةً، ثبت ذلك عنه في عدَّة أحاديث، ولم يجئ عنه ما يعارضها إلا شيءٌ باطلٌ لا يصحُّ عنه، كحديثٍ يرويه أبو غَطفان رجلٌ مجهولٌ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أشار في صلاته إشارةً تُفْهَم عنه فلْيُعِدْ صلاتَه» (٤). قال الدَّارقطنيُّ (٥): قال لنا


(١) رواه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠٧٣) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، وصححه الألباني في «صحيح الأدب المفرد» (ص ٤١٢ - ٤١٣).
(٢) «كل» ليست في ك.
(٣) في المطبوع: «بعض الأحيان» خلاف جميع النسخ.
(٤) رواه أبو داود (٩٤٤)، وقال: «هذا الحديث وهم». والحديث ضعيف. انظر: «التنقيح» لابن عبد الهادي (٢/ ٢٩٩)، «السلسلة الضعيفة» (١١٠٤)، «ضعيف أبي داود - الأم» (١/ ٣٥٩).
(٥) في «سننه» (١٨٦٧).