للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها فالأحذق، فإنَّه إلى الإصابة أقرب. وهكذا يجب على المستفتي أن يستعين على ما ينزل (١) به بالأعلم فالأعلم لأنَّه أقرب إصابةً ممَّن هو دونه. وكذلك من خفيت عليه القبلة فإنَّه يقلِّد أعلمَ من يجده. وعلى هذا فطَر الله عباده، كما أنَّ المسافر في البرِّ والبحر إنَّما سكون نفسه وطمأنينته إلى أحذق الدَّليلين وأخبَرِهما، وله يقصد، وعليه يعتمد. فقد اتَّفقت على هذا الشَّريعة والفطرة والعقل.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أنزل الدَّواء الذي أنزل الدَّاء» قد جاء مثله عنه في أحاديث كثيرةٍ. فمنها ما رواه عمرو بن دينارٍ عن هلال بن يَسَاف قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مريضٍ يعوده، فقال: «أرسِلُوا إلى طبيبٍ». فقال قائل: وأنت تقول ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: «نعم، إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يُنْزِل داءً إلا له (٢) دواءٌ» (٣).

وفي «الصَّحيحين» من حديث أبي هريرة يرفعه: «ما أنزل الله من داءٍ إلا


(١) ن: «نزل».
(٢) ل: «وله». وفي ن قبله: «أنزل»، وكذا في هامش ز، وفي النسخ المطبوعة. وفي مخطوط كتاب الحموي كما أثبت من النسخ.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٨٨٠) ــ ومن طريقه أبو نعيم في «الطِّب النَّبوي» (٣٣) ــ عن ابن عيينة، عن عَمرو به، وأخرجه أبو نعيم أيضًا (٣٤، ٣٥) من طريق حسَّان بن إبراهيم، عن عَمرو به، وهذا مرسلٌ. وقد جاء من وجهٍ آخرَ مسندًا، فأخرجه أحمد (٢٣١٥٦)، وابن منيع كما في «الإتحاف» للبوصيريِّ (٣٨٧٤)، من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن ذكوان، عن رجل من الأنصار بمعناه، قال البوصيريُّ: «رجاله ثقات»، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (٥١٧، ٢٨٧٣). وللحديث شواهد كثيرةٌ، تقدَّم بعضها في أوائل المجلد.