للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أسلم أهل الطائف سأل أبو مليح رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي عن أبيه عروة دينًا كان عليه من مال الطاغية، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»، فقال له قارب بن الأسود: وعن الأسود يا رسول الله فاقْضِه ــ وعروة والأسود أخوان لأب وأم ــ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الأسود مات مشركًا»، فقال [قارب بن] (١) الأسود: يا رسول الله، لكن تصل مسلمًا ذا قرابة ــ يعني نفسَه ــ وإنما الدين عليَّ وأنا الذي أُطلَب به، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان أن يقضي دين عروةَ والأسودِ من مال الطاغية، ففعل.

وكان كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب لهم: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي رسولِ الله إلى المؤمنين: إن عِضاهَ وجٍّ وصيدَه حرامٌ لا يُعضَد؛ من وُجد يفعل شيئًا من ذلك فإنه يُجلَد وتُنزَع ثيابُه، فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيُبلَغ النبيَّ محمَّدًا، وإن هذا أمر النبي محمدٍ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وكتب خالد بن سعيدٍ بأمر الرسول محمد بن عبد الله، فلا يتعَدَّهُ أحدٌ فيظلمَ نفسَه فيما أمر به محمد رسول الله» (٢).

فهذه قصة ثقيف مِن أولها إلى آخرها سقناها كما هي وإن تخلَّل بين غزوِها وإسلامها غزاةُ تبوك وغيرها، ولكن آثرنا أن لا نقطع قصَّتَهم وأن نَنْظِم أوَّلَها بآخرها ليقع الكلامُ على فقه هذه القصة وأحكامها في موضع واحد.

فنقول: فيها من الفقه جواز القتال في الأشهر الحُرُم ونسخُ تحريمِ ذلك،


(١) ساقط من جميع الأصول، وإنما أثبت في ن فوق السطر بخط مغاير مصحَّحًا عليه.
(٢) وذكر الكتاب بنحوه الواقديُّ في «مغازيه» (٣/ ٩٧٣) وكاتبه في «الطبقات» (١/ ٢٤٦).