للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأطهار، وهل يقال في كلِّ لفظٍ مشتركٍ: إنَّ أسبق معانيه إلى الوجود أحقُّ به؟ فيكون عسعس من قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: ١٧] أولى بكونه لإقبال اللَّيل لسبقه في الوجود، فإنَّ الظَّلام سابقٌ على الضِّياء!

وأمَّا قولكم: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسَّر القروء بالأطهار، فلعَمْرُ الله لو كان الأمر كذلك لما سبقتمونا إلى القول بأنَّها الأطهار، ولبادرنا إلى هذا القول اعتقادًا وعملًا، وهل المعوَّل إلا على تفسيره وبيانه:

تقول سُليمى لو أقمتم بأرضِنا ... ولم تَدْرِ أنِّي للمُقامِ أطوِّفُ (١)

فقد بيَّنَّا من صريح كلامه ومعناه ما يدلُّ على تفسيره للقرء بالحيض، وفي ذلك كفايةٌ.

فصل

في الأجوبة عن اعتراضكم على أدلتنا

قولكم في الاعتراض على الاستدلال بقوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، وأنه يقتضي أن تكون كوامل، أي: بقيَّة الطُّهر قرءٌ كاملٌ= فهذا ترجمة المذهب، والشَّأن في كونه قرءًا في لسان الشَّارع أو في اللُّغة، فكيف تستدِلُّون علينا بالمذهب، مع منازعة غيركم له فيه ممَّن يقول: الأقراء الأطهار كما تقدَّم؟ ولكن أوجِدُونا في لسان الشَّارع أو في لغة العرب أنَّ اللَّحظة من الطُّهر تُسمَّى قرءًا كاملًا، وغاية ما عندكم أنَّ بعض من قال: القروء الأطهار ــ لا كلُّهم ــ يقولون: بقيَّة القرء المطلق فيه قرءٌ، وكان ماذا؟ كيف وهذا الجزء


(١) البيت لعروة بن الورد في «ديوانه» (ص ١٠٧)، و «الكامل» للمبرد (١/ ٢٦٢)، و «الأغاني» (٣/ ٨٢).