للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الطُّهر بعض طهرٍ بلا ريبٍ؟ فإذا كان مسمَّى القرء في الآية هو الطُّهر وجب أن يكون هذا بعض قرءٍ يقينًا، أو يكون القرء مشتركًا بين الجميع (١) والبعض، وقد تقدَّم إبطال ذلك، وأنَّه لم يقل به أحدٌ.

قولكم: إنَّ العرب تُوقِع اسم الجمع على اثنين وبعض الثَّالث، جوابه من وجوهٍ:

أحدها: أنَّ هذا إن وقع فإنَّما يقع في أسماء الجموع الَّتي هي ظواهر في مسمَّاها، وأمَّا صيغ العدد الَّتي هي نصوصٌ في مسمَّاها (٢) فكلَّا ولمَّا (٣)، ولم تَرِد صيغة العدد إلا مسبوقةً بمسمَّاها، كقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٦]، وقوله: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: ٢٥]، وقوله: {يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦]، وقوله: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: ٧]، ونظائره ممَّا لا يراد به في موضعٍ واحدٍ دون مسمَّاه من العدد. وقوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} اسم عددٍ ليس بصيغة جمعٍ، فلا يصحُّ إلحاقه بأشهرٍ معلوماتٍ لوجهين:

أحدهما: أنَّ اسم العدد نصٌّ في مسمَّاه لا يقبل التَّخصيص المنفصل (٤)،


(١) ز، ح، ص، د: «الجمع».
(٢) «وأما صيغ ... مسماها» ساقطة من ص.
(٣) سبق التعليق على هذا الأسلوب في أول الكتاب (١/ ١٢).
(٤) بعدها في المطبوع: «بخلاف الاسم العام، فإنه يقبل التخصيص المنفصل». وليست في النسخ.