للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]، وقولِه - صلى الله عليه وسلم -: «جعلت لي الأرض مسجدًا وتربتُها طهورًا» (١) وقولِه في هذا الحديث: «أما هذا فقد صدق»، وهذا مما لا يشك السامع أن المتكلم قصد تخصيصه بالحكم.

وقول كعب: «هل لقي هذا معي أحد؟ فقالوا: نعم، مُرارة بن الربيع وهلال ابن أمية» فيه أن الرجل ينبغي له أن يردَّ (٢) حرَّ المصيبة برَوح التأسِّي بمن لقي مثل ما لقي، وقد أرشد سبحانه عبادَه إلى ذلك بقوله: {تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ} [النساء: ١٠٤]. وهذا هو الروح الذي منعه الله سبحانه أهل النار فيها بقوله: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩].

وقوله: «فذكروا لي (٣) رجلين صالحين قد شهدا بدرًا، لي فيهما أسوة»، هذا الموضع مما عُدَّ من أوهام الزهري، فإنه لا يُحفَظ عن أحد من أهل المغازي والسير البتة ذكر هذين الرجلين في أهل بدر؛ لا ابن إسحاق، ولا موسى بن عقبة، ولا الأموي، ولا الواقدي، ولا أحد ممن عَدَّ أهل بدر. وكذلك ينبغي أن لا يكونا من أهل بدر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يهجر حاطبًا ولا عاقبه وقد جسَّ عليه، وقال لعمر لما همَّ بقتله: «وما يدريك أن الله اطَّلع على


(١) أخرجه مسلم (٥٢٢) من حديث حذيفة بن اليمان بنحوه. هذا، وتمثيل المؤلف بهذا الحديث هنا يقتضي أن جواز التيمم مختصٌّ بالتراب كما هو مذهب الشافعي وأحمد، مع أن المؤلف نفسه قد قرّر فيما سبق (١/ ٢٢٠) جواز التيمم بالرمل.
(٢) كذا في جميع الأصول، وأخشى أن يكون تصحيفًا عن: «يبرِّد»، لاسيما وقد استعمل المؤلف نحو هذا الأسلوب في كتبه. انظر: «مفتاح دار السعادة» (٢/ ٩٨٧) و «مدارج السالكين» (٢/ ٣٧، ٥٠).
(٣) في الأصول عدا ز، س، ن: «فذكرا لي».