للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّالث: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أوس بن الصامت وسلمة بن صَخْر بالكفَّارة، ولم يسألهما: هل تظاهرا في الجاهليَّة أم لا؟

فإن قلتم: ولم يسألهما عن العود الذي يجعلونه شرطًا، ولو كان شرطًا لسألَ عنه.

قيل: أمَّا من يجعل العَوْدَ نفسَ الإمساك بعد الظِّهار زمنًا يمكن وقوعُ الطَّلاق فيه، فهذا جارٍ على قوله، وهو نفس حجَّته، ومن جعل العود هو الوطء أو العزم قال: سياق القصَّة بيِّنٌ في أنَّ المتظاهرين كان قصدهم الوطء، وإنَّما أمسكوا له. وسيأتي تقرير ذلك إن شاء الله.

وأمَّا كون الظِّهار منكرًا من القول وزورًا فنعم هو كذلك، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ إنَّما أوجب الكفَّارة في هذا المنكر والزُّور بأمرين: به وبالعَود، كما أنَّ حكم الإيلاء إنَّما ترتَّب عليه وعلى الوطء، لا على أحدهما.

فصل (١)

وقال الجمهور: لا تجب الكفَّارة إلا بالعَود بعد الظِّهار، ثمَّ اختلفوا في معنى العود، هل هو إعادة لفظ الظِّهار بعينه أو أمرٌ وراءه؟ على قولين: فقال أهل الظَّاهر كلُّهم: هو إعادة لفظ الظِّهار، ولم يحكُوا هذا عن أحدٍ من السَّلف البتَّةَ، وهو قولٌ لم يُسبَقوا إليه، وإن كانت هذه الشَّكاة لا يكاد مذهبٌ من المذاهب يخلو عنها.

قالوا: فلم يُوجِب الله سبحانه الكفَّارة إلا بالظِّهار المُعَاد لا المبتدأ.


(١) هنا بياض في م.